التعليم الخاص .. عين على المنهاج وأخرى على " المادة " وأحلام مع وقف التنفيذ
طلال علي
مازال التعليم الخاص في محافظة اللاذقية في حالة بحث عن أفضل الظروف للنهوض بواقعه
والذي قد يوصله إلى تصنيف جديد وان كانت بعض المدارس الخاصة والمعاهد والمخابر ورياض الأطفال قد حددت مسارها وأوجدت لنفسها خصوصية من حيث التعامل مع المستلزمات التعليمية والتربوية لكن هناك الكثير منها مازال يعاني من إشكالات عديدة ويلعب الجانب المادي دورا مهما فيها .
وان حقق هذا التعليم في السنوات الماضية تناميا كبيرا في اعداد المنتسبين اليه جراء سلسلة من القرارات سنتها وزارة التربية من حيث القبول في التعليم الثانوي العام والتي افرزت بدورها عددا من الطلبة ممن لم يرق لهم التعليم المهني والفني فاتجهوا قسرا إلى التعليم الخاص وان كان ذلك في المدارس الخاصة أو المعاهد اضافة إلى ما افرزته المعدلات الجامعية المرتفعة من حالات الاعادة للطلبة .
وان كانت هذه المدارس تضم طلابا ممن تتوفر لذويهم حالة مادية أو اجتماعية جيدة فإن ذلك انعكس سلبا على البقية الباقية من الطلبة ممن لا تمكنهم ظروفهم المادية من مجاراتهم في ذلك .
ومع كل هذا الاتساع في الاعداد المنتسبة للتعليم الخاص لم يقابله توسع في اعداد المدارس المحدثة ولا في تطوير وتحديث ماهو موجود فعدد المدارس الخاصة للتعليم الاساسي والثانوي في محافظة اللاذقية 15 مدرسة منها تسع مدارس في مدينة اللاذقية وثلاث في جبلة وريفها وثلاث في منطقة اللاذقية .
اما عدد المعاهد والمخابر اللغوية فيبلغ 84 مخبرا ومعهدا 69 منها في مدينة اللاذقية و13 في جبلة وريفها ومعهدين في منطقة اللاذقية .
كما أن عدد رياض الاطفال الخاصة العاملة في المحافظة 88 روضة 58 منها في مدينة اللاذقية و26 في جبلة وريفها وثلاث في منطقة اللاذقية وواحدة في الحفة .
ومن الملاحظ هنا أن المؤسسات التعليمية الخاصة تتركز في مدينة اللاذقية ثم في مدينة جبلة وريفها في حين هي قليلة جدا في منطقة اللاذقية وروضة واحدة في الحفة .
تطور مع وقف التنفيذ
وحول التعليم الخاص اوضح السيد علي ناصر مدير التربية في اللاذقية أن العملية التربوية في المدارس الخاصة تسير كما هو عليه الامر في المدارس العامة فالمناهج ذاتها والاشراف ذاته من خلال زيارات الموجهين الاختصاصيين والتربويين والمعنيين بالعملية التربوية بشكل عام اضافة لذلك فإن بعض المدارس الخاصة تقوم بتدريس بعض كتب اللغات كمادة اثرائية اضافة إلى المنهاج الرسمي .
فالنهوض بالتعليم الخاص له منحيين الاول الجهة العامة التي قامت بما عليها من خلال اصدار التشريعات والتعليمات اللازمة للنهوض والارتقاء بهذا التعليم ومتابعة معاملات الترخيص اصولا حتى انتهائها .
اما المنحا الثاني فهو الجهة التي تريد أو تطلب الترخيص لاقامة مؤسسة تعليمية خاصة وفق الشروط المحددة ويبدوا أن هذا لا يزال حتى الآن قاصرا ومحجما عن التقديم بطلبات الترخيص لمدارس التعليم الاساسي أو الثانوي .
كما أن هناك صعوبات تتعلق بالامكانيات المادية لدى معظم اصحاب المؤسسات التعليمية الخاصة مما قد يحول دون تمكنهم من تطوير مؤسساتهم أو تأمين مستلزماتهم بالشكل المطلوب بالاضافة إلى صغر حجم المؤسسات التعليمية الخاصة مما ينعكس سلبا على تطويرها وتحسين مستواها واقتصار اغلبها على مرحلة واحدة من عدم توفر القدرة لدى اصحابها على التوسع بها وبشكل عام لا توجد معاناة محددة من التعليم الخاص .
اما من حيث الاهتمام بالجانب التعليمي في المدارس الخاصة فإن ذلك يكون بدرجات متفاوتة والتي تختلف من مدرسة إلى اخرى ففي الوقت الذي لدينا فيه مدارس خاصة متميزة تعليميا لدينا البعض الآخر دون المستوى المطلوب تماما كالفروق الفردية بين الافراد.
اما بشأن وجود طلاب في المدارس الخاصة همهم الحصول على وثيقة الدوام فهذا الامر ليس جديدا بل هو موجود في الجامعات وغيرها وفي كل الاحوال عدد هؤلاء الطلاب قليل جدا والامر ذاته ينطبق على قضيتي الحضور والترفيع فالترفيع ليس اليا بل هناك حالات رسوب عديدة ويمكن عند اللزوم الرجوع إلى جداول الامتحانات الانتقالية المحفوظة لدينا للتأكد من هذا وكذلك تولي المدارس الخاصة موضوع الحضور الاهتمام اللازم وقد يكون هناك بعض المتقاعسين بين الاداريين لا يتابعون الدوام في مدارسهم .
وفي جانب آخر سمحت وزارة التربية للمعاهد بتدريس مواد الشهادتين الاعدادية والثانوية ودائما تكون مدة الدورة في الشتاء اكثر من ستة اشهر ينتهي خلالها المنهاج بشكل كامل ولكن دورات الصيف تكون مكثفة وان اقبال الطلاب على هذه المعاهد لدليل اكيد على انها تؤدي لهم النفع الذي يرجونه من الانتساب اليها .
اسس وشروط مطلوبة
وعن واقع التعليم الخاص اشار السيد عادل دواي نقيب المعلمين إلى أن المؤسسات التعليمية الخاصة تتوضع في مركز المدينة بشكل خاص ومدينة جبلة وريفها وتندر في باقي ارجاء المحافظة .
وصدور المرسوم 55 لعام 2004 الناظم للمؤسسات التعليمية الخاصة يعتبر خطوة جديدة في تطوير هذا التعليم بمختلف اشكاله ومراحله حيث فتح الباب لترخيص مؤسسات تعليمية خاصة كانت متوقفة سابقا وتم وضع الاسس والشروط المطلوب توفرها في طالب الترخيص أو مقر المؤسسة التعليمية والمؤسسات التعليمية الخاصة تدرس بشكل عام مناهج وزارة التربية سواء في مدارس تعليم المرحلة الثانوية أو التعليم الاساسي وكذلك رياض الاطفال .
مزاجية تعيين الكادر التعليمي
اما ما يخص المعاهد فهي تقيم دورات تقوية بمناهج الشهادتين وقد تكون هذه الدورات قصيرة صيفا وطويلة شتاء كما أن مخابر اللغات تقيم اضافة لذلك دورات للتقوية في اللغات الاجنبية وبشأن الكادر التعليمي والتدريسي فهو بشكل عام مؤهل ويحمل شهادة جامعية في المعاهد والمدارس الثانوية وان قسما كبيرا من المدرسين في المدارس الخاصة والمعاهد هم من ملاك وزارة التربية اما في رياض الاطفال والتعليم الاساسي يقوم بتدريس تلك المرحلة مدرسون يحملون اهلية التعليم أو الثانوية وحسب المرسوم الجديد اصبح من الضروري أن يكون المعلم مؤهلا تربويا أواتبع دورات تربوية .
والبناء في المؤسسات التعليمية الخاصة يتناسب مع زمن الترخيص وكل المؤسسات التي ترخص حاليا يتوافق مع التعليمات النافذة وهناك امكانية لتطوير رياض الاطفال من خلال اقامة دورات تربوية تأهيلية للمعلمين في تلك الرياض أو افتتاح معاهد خاصة بتخريج معلمي الرياض والزام اصحاب الرياض بتشغيل هؤلاء الخريجين .
وبشكل عام مزاجية صاحب المؤسسة في تعيين الكادر التعليمي لها اثر سلبي في كثير من الاحيان على الواقع التربوي في مؤسساتهم
اثر سلبي وآخر ايجابي
بدورها اشارت السيدة ابتسام صابوني رئيسة شعبة المنطقة الثانية لنقابة المعلمين إلى أن التعليم الخاص له اثر ايجابي على الاطفال في مرحلة الرياض قبل دخول التلاميذ إلى المدرسة لكن بعد انتهاء مرحلة التعليم الاساسي فإن له تأثيرا سلبيا على المدارس لانتقال الطلاب من المدارس العامة إلى الخاصة وبشكل خاص في صفوف الشهادتين : التعليم الاساسي والثانوي والسبب يعود إلى ارتفاع المعدلات لاعتقادهم أن المدرسة الخاصة تضم مدرسين اكثر كفئا من المدارس العامة , واعتقد أن هذا الامر غير صحيح فالمدرس واحد » فالمدرس في المدرسة الخاصة ذاته الموجود في المدرسة العامة « والمدرس الجيد اينما وجد له عطاء واحد أن كان في المدارس العامة أو الخاصة .
ويمكن القول في جانب آخر أن المدارس العامة افضل من حيث البناء لكن بحاجة إلى بعض التجهيزات من ناحية تأمين الجو المناسب من حيث التكييف والتدفئة وبشكل عام المستقبل للتعليم الخاص » المعاهد « لمجموعة من الاسباب منها تأمين راحة الطالب في حين نحن شخصيا مع التعليم العام اولا من ناحية تخفيف العبء المادي على الاهل اضافة إلى وجود كادر تدريسي ممتاز والبناء بحالة جيدة لكن بحاجة إلى صيانة دورية وان يكون التجهيز بشكل افضل.
وبالنسبة للتعليم الاساسي في الحلقة الاولى فهو افضل في المدارس العامة كون الكادر التعليمي مؤهل تأهيلا تربويا على العكس في رياض الاطفال والتي تعتمد على مشرفين غير مؤهلين من الناحية التربوية .
وضع مادي ضعيف
وعلى الصعيد ذاته اكدت السيدة لينا الحرير نائب صاحب الثانوية الوطنية الخاصة في مدينة اللاذقية أن التعليم الخاص يشكل رديفا قويا للتعليم العام للمساهمة في بناء الاجيال وتوجيهها بطريقة علمية نحو مستقبل افضل وتعمل على تنمية قدرات الطلاب العلمية والثقافية .
وعند تأسيس المدارس الخاصة الحالية كانت تابعة لاصحابها والاقساط فيها تتناسب مع دخل الفرد وكانت تحوّل العاملين فيها بالاجور والرواتب الشهرية وتكون متناسبة مع دخل الفرد في المجتمع .
اما حاليا فالمدارس الخاصة والتي تتقيد بقوانين وزارة التربية تعاني من وضع مادي ضعيف يؤثر سلبا على عمليات ترميم واصلاح وتطوير المدرسة ونحن بانتظار ما سيتم تحديده لكل مدرسة من اقساط من لجان مختصة , فتطوير المدارس يلزمه موارد مالية .
وفي الحقيقة وزارة التربية تنسق مع المدارس الخاصة من خلال مديريات التربية في المحافظات للوصول إلى جيل افضل وقد اعطى المرسوم 55 لعام 2004 للمدارس الخاصة نوعا من الثقة من خلال منحها الكثير من الصلاحيات في تدريس المواد الاجنبية بعد الاطلاع عليها والتي تهدف بالاساس لتطوير وتحسين اوضاع الطالب العلمية والثقافية وتمت المحافظة على حقوق العاملين في المدارس الخاصة ونحن في المدرسة قمنا بتثبيت العمال اضافة إلى منحهم الترفيعات الدورية كما في مديرية التربية .
كما أن المرسوم اعطى قوة دفع للمدرسة الخاصة للتعاقد مع مدرسين ومدرسات مختصين في المواد التي يدرسونها . ونحن نستعين ببعض المدرسين في المرحلتين الثانوية والتعليم الاساسي من ملاك مديرية التربية في اللاذقية للمساهمة في تدريس بعض المواد التخصصية .
ويتم حاليا ووفقا للمرسوم الزام اصحاب المدارس الخاصة بالتعاقد مع مدرسين مؤهلين تربويا من خريجي الشهادات الجامعية وهذه مسألة فيها صعوبة ومن المفترض فتح المجال للراغبين في الحصول على مؤهل تربوي من خريجي الجامعات.
وشددت السيدة الحرير على ضرورة قيام وزارة التربية بالسماح للمدارس الخاصة باعطاء ساعات اضافية لتدريس اللغات الاجنبية واعطاء الحرية لها طالما وافقت على المنهاج وتقديم امكانيات افضل للمدارس الخاصة لتنمية المواهب من النواحي الفنية والثقافية وذلك من خلال السماح للمدارس الممتلكة للامكانيات بزيادة الاقساط واضافة مواد على مناهجها : كالرياضة .. والموسيقا .. والرسم .
ظاهرة تنامي التعليم الخاص
وفي الاطار ذاته اوضح السيد بسام ناصر صاحب معهد الخوارزمي انه للوقوف على حقيقة التعليم الخاص لابد من العودة إلى الاسباب التي ادت إلى تنامي ظاهرة التوجه اليه فعندما اصدرت وزارة التربية التعليمات الخاصة بنسبة التعليم الفني 70 % والثانوية العامة 30 % برزت للعلن ظاهرة تنامي هذا التعليم جراء تعارض التعليمات مع رغبات الطلاب واوليائهم لاسيما وان التعليم المهني لم يرتبط بتأمين مستقبل الوظيفي للمتعلم والمتوجه في بلادنا إلى العمل الوظيفي ونتيجة لذلك بادر الطلبة في التعليم الفني ومن لم يتم قبولهم لا في هذا التعليم أو ذاك في البحث عن مستقبلهم من خلال توفير الدراسة العامة لهم فكانت المعاهد والدروس الخصوصية المنزلية والتي ارتبطت ايضا بشروط القبول الجامعية المنشودة المتصاعدة كل عام حتى اصبح عدد الطلاب الرسميين في المدارس يفوق عدد الطلاب الرسميين في المدارس العامة ومن هنا كانت المعاهد الخاصة حاضنة لاعداد كبيرة من الطلبة تمدهم بالعلم ونأخذ بأيديهم إلى تأمين مستقبلهم المنشود اضافة إلى دورها في احتضان جيل الشباب ومن هنا لابد من اعادة النظر في التعليمات الخاصة بالقبول بالتعليم العام والجامعي واعطاء المؤسسة التعليمية الخاصة الفرصة الكاملة لابراز هذه التجربة وتطويرها باشراف ومراقبة المؤسسات التربوية برؤية علمية فهناك فرق جوهري بين التعليمين الخاص والعام والذي يكمن في النوعية وليس بالاداء فطالب التعليم الخاص ينفق مالا من اجل الحصول على معلومة وبأعلى الاسعار وبأقصر جهد يعتبر نفسه مرهونا لهذا التعليم .
وفي هذا الاطار اكد السيد فرحان حسن رئيس دائرة التعليم الخاص في مديرية التربية أن المرسوم التشريعي رقم 55 لعام 2004 جاء ملبيا لمتطلبات الواقع الراهن للتعليم الخاص بغية تطويره ليسهم مع التعليم العام في دعم مسيرة هذا التعليم وقد اكد المرسوم على وجوب أن يكون صاحب المؤسسة التعليمية مؤهلا تربويا وفي حال عدم توفر هذا الشرط طالب بضرورة تسمية مدير من قبل الصاحب على أن يكون مجازا ومؤهلا تربويا ومتفرغا للمؤسسة .
كما اكد المرسوم على ضرورة أن يكون العاملون في المدارس الخاصة مؤهلين تربويا .
اما بالنسبة للشروط الفنية لبناء المؤسسة التعليمية الخاصة يمكن القول عنها وباختصار شديد يجب أن يكون البناء بعيدا عن كل ما من شأنه أن يشكل اي ازعاج للدارسين ومصدر خطر يهدد سلامته فالبناء يجب أن يكون سليما انشائيا وصحيا ومتوافقا مع الشروط المنصوص عليها في التعليمات التنفيذية.
صعوبات في اجراءات الترخيص
هذا وتعاني المؤسسات التعليمية الخاصة من صعوبات تعيق اجراءات الترخيص والتي تتمثل في عدم اعطاء بعض البلديات الوثيقة التي تبين الوضع التنظيمي للعقار وعدم وجود ما يمنع لدى البلدية من اقامة المؤسسة التعليمية الخاصة على العقار ويضاف إلى ذلك صعوبة تأمين العاملين المؤهلين وفق التعليمات التنفيذية للعمل في المؤسسات التعليمية الخاصة .
E - mail:
wehda@thawra.com